هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
* يمكنكم الاستفادة من الموقع التالي للاستزادة من اللغة الانجليزية http://rafahenglishclub.mam9.com/forum.htm
* زورونا على المدونة الالكترونية  http://tahahusseinrafah.blogspot.com/2009/05/blog-post_09.html
تتقدم ادارة مدرسة طه حسين الأساسية بالتهنئة والتبريك لأبنائنا الأعزاء بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد 2011 - 2012 م

    التنظيم الاجتماعي عند البدو

    أ.توفيق العرجا أبو باسل
    أ.توفيق العرجا أبو باسل
    Admin


    المساهمات : 485
    تاريخ التسجيل : 09/09/2009

    التنظيم الاجتماعي عند البدو  Empty التنظيم الاجتماعي عند البدو

    مُساهمة من طرف أ.توفيق العرجا أبو باسل الأحد أغسطس 22, 2010 3:37 am

    التنظيم الاجتماعي عند البدو
    العشيرة البدوية :
    العشيرة هي وحدة التنظيم الاجتماعي في المجتمع البدوي، منها ينطلق الفرد، وإليها يعود، وتكاد تكون المؤسسة الاجتماعية الوحيدة التي تمارس ضغطاً اجتماعياً على الأفراد، فهم يفيئون إلى حماها، ويدافعون عنها، ويفتخرون بتراثها وأمجادها، يتعصبون لها، ويذوبون فيها، وهذا ما تفرضه طبيعة الحياة البدوية القائمة على التنقل والترحال. ولكل عشيرة شيخ يسوسها ويدبر أمورها، تنقاد له عشيرته انقياداً كاملاً، ما دام يرعى مصالح العشيرة ويحرص عليها. ومصلحة العشيرة واحدة، تندغم فيها مصلحة الفرد في مصلحة الجماعة، وتتحقق من خلالها.

    العصبية القبلية :
    العصبية لغةً تعني أن يدعو الرجل إلى نصرة عصبته، أي أقاربه من جهة الأب والتآلب معهم على من يناوئهم ظالمين أو مظلومين، والعصبية هي وسيلة من وسائل البدوي للتكيف مع البيئة لحماية كيانه القبلي، وتراثها الذي يتناقله جيلاً بعد جيل. وقد تحدث "ابن خلدون" في مقدمته عن ضرورة العصبية للبداوة.
    وتتميز العصبية القبلية بأنها موحدة، شاملة، ذات قوة إلزامية قهرية ـ باعتبارها ظاهرة اجتماعية ـ تمارس قدراً كبيراً من السيطرة على أفراد القبيلة الواحدة. وتؤدي العصبية القبلية إلى ترابط المجتمع البدوي في وحدة كلية يشعر فيها كل فرد بالضمانة النفسية والمادية، لكنها تعمل على عزل القبيلة عن القبائل الأخرى من النواحي الاجتماعية والنفسية والجغرافية والحيوية.

    الأسرة :


    الأسرة البدوية هي نواة التكوين الاجتماعي عند البدو، مثلهم في ذلك مثل سائر المجتمعات البشرية، والأسرة البدوية أسرة أبوية، حيث الأب هو رئيس الأسرة، له حق الطاعة على جميع أفرادها.
    أما حقوق الأسرة ومكانتها في العشيرة ؛ فتتناسب طرداً مع ما عندها من مال ورجال. ويحرص البدو على إنجاب أكبر عدد ممكن من الذكور، لأن كثرة الأبناء الذكور تُعَدُّ في أعرافهم عاملاً هاماً من عوامل العز والمنعة للأسرة في العشيرة، وللعشيرة في القبيلة، وللقبيلة بين القبائل الأخرى، إلا أن ارتفاع نسبة الوفيات بين المواليد عند البدو تذهب بارتفاع نسبة الولادات، وترتفع نسبة الوفيات بسبب نقص الرعاية الصحية، وتدني المستوى الثقافي، وتخلف أساليب التوليد، وضعف العناية بالحامل، وكلها عوامل تعود إلى تدني المستوى الاقتصادي والثقافي. وعلى الرغم من ذلك، فإن معدل زيادة السكان عند البدو تظل أعلى مما هي لدى السكان الآخرين في البلاد التي يعيشون فيها، ويعود ذلك إلى كبر الأسرة، وتعدد الزوجات وأنماط التفكير الفطرية. ووظائف الأسرة عند البدو أوسع منها لدى الأسرة عند الفلاحين في الريف، وعند الحضر في المدينة، حيث سلبت المؤسسات والبنـى الاجـتماعية كثـيراً مـن وظائف الأسرة في الريف والمدينة، فالأسرة البدوية لا تزال تقوم بوظائفها الاقتصادية والتربوية والثقافية والدينية حتى اليوم.




    المرأة :


    تتسم نظرة البدو إلى المرأة بالمحافظة، هذه النظرة التي تكاد تبقى حتى اليوم على ما كانت عليه قبل الإسلام، على الرغم من أن الإسلام قد شجب تلك النظرة، وأعلى من شأن المرأة، فما زال البدوي يستقبل ولادة بنت بالوجوم، وكأنها مصيبة حلت به، ويعود ذلك إلى طبيعة الحياة البدوية حيث يتميز دور الرجل، فهو الذي يحمي العشيرة، ويرد عنها الخصوم والطامعين، وهو الذي يجلب الرزق، في حين ينحصر دور المرأة في أعمال المنزل البسيطة ورعاية الأطفال، وقد تقوم بأعمال اقتصادية ثانوية مثل رعي الإبل والأغنام، وحلبها. إلا أن النساء في البادية لَسْنَ دون الرجل شهامة ومروءة، فهن يحملن القيم الأخلاقية ذاتها، يُستجار بهن فيجرن، ويكرمن الضيف عند غياب الرجال، ويتحملن ما يتحمل الرجال من أعمال ومتاعب ومشاق، وقد يشاركنهم الغزو أحياناً.
    والمرأة عند البدو رمز للشرف والكرامة، فهي محترمة مصونة، لا يجوز أن تُمَسَّ بأذًى مهما بلغت العداوة والبغضاء بين العشائر. وما من وصمة عار يمكن أن تلحق برجل كوصمة أن يشتم امرأة أو يهينها أو يضربها، وإذا قُتلت امرأة في خصومة بين عشيرتين، فإن ثأرها أو ديتها يماثل من أربعة أضعاف إلى ثمانية أضعاف ثأر الرجل أو ديته.





    العادات والتقاليد والأخلاق :
    للبدو عادات وتقاليد كثيرة، أكثر من أن تحصى، انتقل بعضها بالتسلسل من الآباء إلى الأحفاد، وحوفظ عليها كما لو كان شِرْعَةً لا يصح الإخلال بها، وبعضها نشأ بحكم الضرورة القاهرة، من شظف العيش وضيقه، وقساوة البادية، ومرارة العيش فيها. وتمارس تلك الأعراف والتقاليد ضغطاً اجتماعياً على جميع الأفراد، فلا يستطيع أحد التحرر منها، وإلا فإنه يعرض نفسه للاستخفاف والازدراء، وللعقاب أحياناً، والنبذ أحياناً أخرى، وربما يضطر إلى الهرب خارج العشيرة أو القبيلة. وهذا النمط المحافظ الثابت أدى إلى استمرار عادات وقيم وبقائها على ما هي عليه منذ ما قبل الإسلام حتى اليوم.

    ومن أخلاق البدو، الأنفة، والعزة، والصبر، والكرم، والعفة، والوفاء، وإغاثة الملهوف، وإجارة المستجير، والإيثار، والجرأة في قول الحق، والعفو عند المقدرة. والبدو يحفظون أنسابهم ويفاخرون بها.


    التكتم :
    يعد التكتم من الأعراف الراسخة في البيئة البدوية، وكل ما تذكره الكتب والدراسات من أرقام عن أعداد البدو لا يعدو التخمين والتقدير، ويعود ذلك إلى سببين : الأول هو أن طبيعة حياة البدو القائمة على التنقل والترحال تحول دون إجراء إحصاءات دقيقة، والثاني يعود إلى تكتم البدو نحو السلطات الرسمية، والهيئات الحكومية، وخوفهم من التجنيد الإجباري، والتكاليف الضريبية، والالتزامات نحو السلطات بشكل عام، إن هم أدلوا بمعلومات إحصائية دقيقة مضبوطة. وقد ظهرت هذه الحقيقة جلية عند البدو، وانتشرت بينهم أيام الحكم العثماني للبلاد العربية.

    والبدو كما هو معروف يتمثلون الأخلاق الكريمة كما أشرنا، إلا أنهم، في بعض الحالات وفي ظروف ما، لا يعتبرون السرقة عملاً لاأخلاقياً، بل ينظرون إليها على أنها عمل من أعمال الرجولة، ولعلها جاءت هكذا عندهم امتداداً للغزو، ومظهراً آخر من مظاهره، والحاجة والفاقة وضيق ذات اليد الناجمة عن جدب الأرض وقلة خيراتها، وشظف العيش في البادية الصحراوية، أو شبه الصحراوية، هو ما يدفع البدوي إلى السرقة، أو التهريب أو تجارة الممنوعات كي يحافظ على بقائه.

    الثأر :
    والثأر عادة قديمة متأصلة لدى البدو، منذ ما قبل الإسلام، وقد نهى الإسلام عن الثأر، إلا أن ذاك النهي لم يبطل تلك العادة، لأن البدو يسلكون وفق أعرافهم وتقاليدهم، ووفقاً لها يُعَدُّ عدم الأخذ بالثأر جبناً، والجبن صفة ذميمة جداً عند البدو، وقد يتدخل القضاء الرسمي في حوادث القتل التي تحدث بين البدو، ويصدر فيها أحكامه ؛ إلا أن كثيرين منهم، لا يقبلون بهذه الأحكام بل يظلون ينتظرون خروج الجاني من السجن للانتقام منه أخذاً بالثأر، وقد يعمدون إلى قتل قريب من أقربائه لذات الغاية.

    الفراسة :
    عُرف البدو منذ القديم بالفراسة، والفراسة لغة هي سلامة الحدس وصدق النظر، فتجد البدوي ينظر إلى آخر، فيعرف قبيلته وعشيرته من أول نظرة.


    قصّ الأثر :
    واشتهر البدو بقص الأثر، ولهم في ذلك مهارة عجيبة لا يكاد يجاريهم فيها أحد، فيكشفون كثيراً من الحوادث الغامضة عن طريق قص الأثر، وتتبع آثار الأقدام، والعلامات الأرضية لمسافات طويلة.


    القضاء :
    عرف العرب القضاء منذ عهد الشفاهية، فقد قامت بينهم مصالح مختلفة متنوعة، أدت إلى نشوء خلافات ومنازعات بينهم، فشدوا للعدل صرحاً، وأسسوا له قواعد ثابتة، سادت بينهم سيادة القوانين المكتوبة، على الرغم من أنها كانت شفاهية غير مكتوبة. وقد تكونت تلك القواعد عبر ماض طويل، وجاءت خلاصة سلسلة متصلة من التجارب والخبرات، توارثوها جيلاً بعد جيل، فارتكزت على أسس قوية، ودعائم متينة استندت إلى مكارم الأخلاق في الدرجة الأولى، واغتنت وتعمقت بالحكمة والحنكة والخبرة الحياتية المتجددة باستمرار.
    وظهر الإسلام بين العرب، ليكون الحدث الأجل والأخطر والأعظم أثراً في حياتهم، فأخذوا يطبقون أحكامه الدنيوية والأخروية، في خلافاتهم ونزاعاتهم من قتل أو سرقة أو اعتداء، وفي معاملاتهم من بيع وشراء، ووصية وإرث، وزواج وطلاق... إلخ. وبالتالي سادت بينهم قوانين مكتوبة دقيقة التزموا بها، وطوروها لتلبي حاجاتهم المتجددة، فكان الكتاب والسنة مصدري التشريع في المرحلة الأولى، وبعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وتوقف نزول القرآن الكريم، مضت الحياة في سبيلها لا تتوقف، أوجدوا مصدراً جديداً هو القياس، ثم أضافوا مصدراً آخر هو الإجماع، لما تغيرت معالم الحياة المتجددة وأحداثها بحيث لم تعد تتطابق مع الأحداث التي جرت في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، ولما اتسعت رقعة الدولة اتساعاً جعل إجماع الفقهاء مستحيلاً، أضافوا المصدر الأهم وهو الاجتهاد.
    لكن هذا كله ارتبط بالعرب المستقرين في الحضر، أما البدو المتنقلون فقد ظلوا، في الجملة، يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم، لاسيما أن الدين الجديد لم يتغلغل في نفوس بعضهم، فظلوا يرجعون إلى تلك الأعراف والتقاليد في حل خلافاتهم ومشكلاتهم، فبقيت الأعراف والتقاليد هي القانون السائد في البادية، وقد أخذت تلك الأعراف والتقاليد تتطور إلا أن تطورها كان بطيئاً جداً، واستمر هذا التطور حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم.


    والمسؤولية الجماعية هي محور القضاء في المجتمع البدوي، ويهدف النظام القضائي عند البدو إلى معاقبة أولئك الذين يخرجون على الإرادة الجماعية، أو يجرحون مشاعر الجماعة ؛ والعقاب وسيلة لإعادة التوازن بين أفراد الجماعة.
    ويقوم القضاء عند البدو على العرف والعادة، فليس ثمة قوانين مكتوبة، ولا خطط مرسومة، يتولاه الشيوخ، وهؤلاء إما قضاة في الخلافات التي تنشأ داخل العشيرة، أو محكّمون في المسائل التي تحدث بين العشائر المجاورة، وهم يباشرون القضاء بأنفسهم، لكنهم قد ينيبون عنهم رجالاً منهم يحكّمون بما اكتسبوا من خبرة وتجربة، وبما سمعوا من أحكام أسلافهم في وقائع مماثلة. وللمحاكمات أصول، وللقضاء درجات متعارف عليها، تكاد لا تختلف من قبيلة إلى أخرى، إلا في بعض تفاصيل قليلة. وهناك أحكام جزائية خاصة بالقتل، والديّة، والزنى والسرقة والذم، وأحكام أخرى تتعلق بالشفعة والميراث.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 5:20 pm